المشاركات الشائعة

الخميس، أبريل ٠٥، ٢٠٠٧

حقائق عن البهائية رواية بهائي عربي 3(استكمال بعض التهم الجائره)

وهناك كلمة أخيرة في الرد على هذه التهمة والفرية الأخلاقية الخطيرة، فأقول: هل تأمَّل أو فكَّر أحد من أين جاء أصل حكم هذه المحرمات ومتى نزلت على الرسل الكرام؟ فقد يظن الكثيرون أن أصلها ابتدأ بظهور شريعة الاسلام فقط، وقد شرعها سبحانه وتعالى لأول مرة في كتاب القرآن العزيز، وبذلك كانت هذه هي البداية للمحرمات والعمل بها.
لكننا لو نظرنا الى أمة النصارى نجدهم يلتزمون بجميع هذه المحرمات من قبل ظهور دين الاسلام، فلا نجد بينهم من يتزوج أخته أو ابنته او أمه أو عمته أو خالته أو بنات أخيه او بنات أخته، بل ويزيدون على كل ذلك بعدم الزواج من الأقارب تحسينا لنوعية الجنس البشري، بينما لا نجد هذا العرف الأخير بين العرب أو المسلمين، فهم على العكس من ذلك، يفضلون الزواج من الأقارب وعلى الخصوص من بنات العم والخال أو العمة أو الخالة.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، لو عدنا الى مكان ظهور الديانة الاسلامية، فكلنا يعلم أنها ظهرت بين العرب المشركين في الجزيرة العربية، وعندما نقرأ كتب تاريخ العرب المشركين وعاداتهم وتقاليدهم، نجد أنهم كانوا لا يتزوجون من ذات المحرمات الاسلامية المنصوصة ولا يقربونها، فلم يكن الرجل العربي قبل الاسلام يتزوج أمه أو أخته أو ابنته وكذلك لا يقترن بعمته أو خالته أو بنات أخيه أو أخته، وبهذا نجد أن ذات المحرمات الاسلامية، كانت موجودة لدى عرب الجاهلية المشركين. فهل يمكن القول ان الله سبحانه وتعالى قد أخذ بسنة وعادات وتقاليد الجاهلية أو العرب المشركين ولم يجد أفضل منها ليشرعها نصوصا وأحكاما في كتابه العزيز؟ ألم يكن سبحانه وتعالى قادرا على تغيير ذلك ولو بالحذف أو الاضافة؟ وهل يمكن اتهام المسلمين ان أصل محرماتهم جاءت من العرب المشركين؟ أعوذ بالله من غضب الله.
ويحضرني في هذا المجال أن أذكر ما حصل منذ عهد قريب عندما بدأت الأفكار الشيوعية في الانتشار داخل الوطن العربي في منتصف القرن الماضي، فلقد كانت أفكارا ومبادئ قوية مقنعة للكثيرين حاولت الأخذ بيد الفقير والضعيف، فأعجزت السلطات المدنية والدينية عن وقف انتشارها. لكن العاجزين لما لم يجدوا سبيلا لوقفها، راحوا ينشرون عنها ذات الاتهامات الباطلة بين الناس، وقالوا أن هؤلاء يحللون العلاقات المحرمة ويتبادلون الزوجات والأخوات ويقيمون الحفلات الماجنة فيما بينهم. ومع ذلك لم ينجحوا كثيرا في مسعاهم، فلقد انتشر الفكر الماركسي والشيوعي بين الشباب العربي بشكل واسع أقلق مضاجع المسؤولين آنذاك.
إنهم خبراء في إطلاق التهم المخيفة المغرضة تجاه غيرهم. فيا عجي!!
نعود الى تهمة وفرية العمالة والجاسوسية لاسرائيل التي يتهم بها البهائيون قاطبة رجالا ونساءً أطفالاً وشيوخاً كباراً وصغاراً في العالم العربي فقط دون بقية دول العالم! فنقول: هل سبق وثبت على أحد منهم مثل هذه التهمة الشنيعة؟ وكم عدد الخلايا أو المنظمات أو المجموعات التي تجسست لصالح اسرائيل في الوطن العربي مثل العراق ومصر وسوريا وغيرها؟ فلماذا لم تجد السلطات العربية وحكوماتها أثرا بسيطا أو دليلا صغيرا على ذلك، رغم أن البهائيون يعيشون بين العرب والمسلمين منذ أكثر من قرن ونصف؟ ثم كيف غفلت عيون أقرباء البهائيين وعوائلهم وأصدقائهم وزملائهم من المسلمين عن تحركات خطيرة مشبوهة مثل هذه؟ هل أن رجال الأمن والمخابرات العربية والاسلامية بهذه الدرجة من الغباء والسذاجة وعدم الخبرة بحيث يعجزون عن اثبات هذه التهمة الخطيرة حتى على فرد بهائي واحد! وهم يعيشون بينهم تحت المراقبة الدائمة بعد سماعهم كل هذه التهم الشنيعة عنهم؟ ولماذا يتركوهم يفعلون ذلك؟
قبل عدة سنوات، قامت الحكومة المصرية يساندها رجال الدين الاسلامي ضد هذه الفئة المظلومة واعتقلت مجاميع من الرجال والنساء البهائيين لعدة مرات بتهمة الجاسوسية والعمالة لمجرد الارتياب والشك بهم، لكنهم كانوا في كل مرة يطلقون سراحهم بعدما لا يجدون دليلا صغيرا على ذلك، ومنها ما حصل من اعتقالات في زمن المرحوم الراحل جمال عبد الناصر، ونحن لا نكن لذلك الرجل أي درجة من الحقد أو الازدراء أو قلة الاحترام، بل بالعكس، فالرجل كان وطنيا وقوميا عربيا من الدرجة الأولى، وكان في حالة عداء وحرب مع دولة اسرائيل لما تفرضه عليه مبادئه القومية والدينية، لذلك كان من الطبيعي أن يبدأ مهامه الحكومية بتنظيف بيت وطنه ومجتمعه من كل دخيل أو خائن، ليحمي ظهره ويتفرغ لعدوه، فما كان منه إلا أن قام باعتقال مجموعة من البهائيين بعدما سمع عنهم من تهم باطلة، واستمر التحقيق لفترة من الوقت، أطلق سراحهم بعدها ليعودوا الى بيوتهم وأعمالهم ومدارسهم، لكن الرجل وخوفا وحذراً من أن يكون على خطأ في إعطائهم حريتهم، أمر بمنع نشاطهم وقطع اجتماعاتهم وإغلاق مراكزهم الروحية والإدارية، فأغلقت محافلهم وشمعت بالشمع الأحمر حظائرهم القدسية، حتى أنه أمر بحذف كل ما يشير الى فكرة ظهور المهدي المنتظر من المناهج الدراسية المصرية. ومع كل ذلك، لم يعترض او يعلو صوت البهائيين تجاه هذه الأحكام الجائرة، ليس في مصر فحسب، بل وفي جميع أنحاء العالم العربي، كالعراق في زمن أحمد حسن البكر عندما أمر بحبس أكثر من أربعين رجلا وامرأة حبساً مؤبداً في سجن أبو غريب وسجن الفضيلية، ثم أطلق سراحهم بعد أن أمضوا زهاء السبع سنوات من محكوميتهم. أو عندما حظر النشاط البهائي في سوريا في زمن حافظ الأسد، أو في المغرب في زمن الملك الراحل محمد الخامس عندما حكم بالاعدام على ثلاثة منهم. بل لم يقتصر الأمر على هذه البلدان العربية فقط، إذ تعداها الى غيرها من الدول العربية عندما حظرت نشاطهم ولو بصور وطرق أخرى تباينت في شدتها ومسامحتها. لكن البهائيين في جميع هذه الدول، سكتوا على مضض تجاه ما صدر بحقهم من هذه الأحكام، امتثالا لأمر دينهم وحكوماتهم، واعتبروا ما حصل من باب الخطأ والحكم الظالم غير المتعمد، وأنه لابد وان يأتي اليوم الذي تظهر فيه برائتهم ناصعة بيضاء من غير سوء. ومن الجدير بالذكر أن أوامر الديانة البهائية تقضي على أتباعها إطاعة أحكام وأوامر الحكومة الوطنية او حكومة بلد الاقامة دون أي اعتراض، أما إذا زاد الأمر عن حده، واقتضت الضرورة للمطالبة بحقوقهم، فلا يجوز عليهم سوى اللجوء الى القضاء والقانون أو الى المحاكم ومراكز الشرطة لاسترجاع الحقوق حسب أمر القانون.
ومن التهم المقيتة الأخرى التي تمتد جذورها لتتصل بالتهمة السابقة، أن مقامات البهائيين المقدسة موجودة في اسرائيل، الدولة العدوة اللدود للأمة العربية، وهنا تختلط التهمة بين دينية وسياسية، واليكم الموضوع باختصار شديد: بعدما انتشر خبر وصول حضرة بهاءالله الى بغداد في أوائل سنة 1853م واستقراره فيها بين القلة القليلة المتبقية من أتباع الباب الناجين من المذابح العامة، حيث كان البعض منهم قد اختبأ في سواقي المياه أو الجداول والترع وفي فتحات التهوية بين جدران المنازل أو في الخرائب النائية، حفاظاً على حياتهم، أو من استطاع الهرب الى المدن او القرى البعيدة أو من هام على وجهه في البراري والقفار أو من لبس لباس الدراويش وغيّر هيئته وهام على وجهه في الجبال والوديان والسهول تاركين أهليهم وعوائلهم طعمة للسيف وألسنة النيران أو الطمر تحت جدران بيوتهم التي هدمت على رؤوسهم أو أحرقت بساكنيها.
ونتيجة لسماع خبر وصوله الى بغداد، ولمعرفة كبار شخصيات البابيين بمنزلته الاجتماعية والدينية بينهم، بدءوا بالتسلل فرادى وجماعات صغيرة متوجهين الى بغداد، وهناك استقر بهم المقام في منازل بسيطة استأجروها جماعات ليستمتعوا بصحبة ورؤية حضرة بهاءالله الذي كان يسكن في محلة الشيخ بشار في منطقة الكرخ قرب جسر بغداد العتيق، حيث عاش قرابة العشر سنوات مع عائلته التي اصطحبها معه في سفره. ولم تكن أحوال البابيين القادمين تسر حضرته، فلقد بدأ الفقر والضعف والوهن يدب فيهم، خاصة والكثير منهم كان يظن ان حضرة علي محمد الباب (المهدي المنتظر) لن يقتل بهذه السرعة والسهولة، بعد أن انتظره المسلمون الشيعة لألف سنة بالتمام والكمال، ولقد فتتت هذه الفكرة المثبطة للعزائم من عضد تماسكهم، وبدأ أيمان البعض منهم يفتر، بل وارتد البعض منهم الى دينه القديم، لذلك قام حضرته بدور الراعي والمنشط والمثير للهمم، فشد من عزيمتهم وقوى أيمانهم وأعاد الأمل الى قلوبهم، تارة بالخطاب والكلام واللقاءات المباشرة ومرة بالنصائح والقدوة الحسنة وأخرى بما نزل عليه خلال تلك السنوات العشر من الكتب والألواح والسور المباركة، وكان يمليها على بعض خواصه ومن ضمنهم ولده البكر الشاب حضرة عبد البهاء ليكتبوها ويدونوها ويجمعوها في كتب متعددة اتخذ كل كتاب منها اسما معينا، كالايقان والكلمات المكنونة وسورة الصبر وسورة الهيكل إضافة الى العديد من الألواح والصحف والسور الأخرى. ومن الجدير بالذكر هنا أن نشير الى أن حضرة بهاءالله لم يدخل المدارس أو الجامعات للتعلم إلا على مستوى تعلم مبادئ القراءة الكتابة او ما يسمى (بفك الخط) في الكتاتيب، حيث كان العرف السائد بين أمراء الامبراطورية الفارسية آنذاك، هو عدم الاهتمام بأمور التعليم، لأن درجة الامارة أو المناصب الادارية العالية كانت تنتقل بالوراثة من الأب الى الابن دون النظر الى المستويات العلمية أو الثقافية.
ولما كان العراق آنذاك تابعا للسلطة العثمانية وتحت ولايتها، تنعم البابيون وعلى رأسهم بهاءالله، بشيء من الراحة والأمان والطمأنينة نتيجة عجز السلطات الايرانية عن النيل منهم. لكن الأمر لم يكن بهذا الهدوء، فلقد كانت جمرة الحقد ما تزال مدفونة في نفوس الحاقدين والمغرضين، حيث كان للحكومة القاجارية الفارسية كما تقتضي العلاقات الدولية، سفارة في بغداد، وليس بسرٍ يذاع، أن من أحد مهام هذه السفارات أو القنصليات الاطلاع على شؤون البلد الموجودة فيه ونقل تقاريرها الى وزارة خارجيتها. ولما كان الاضطراب الذي حصل بين الناس في ايران نتيجة ظهور حضرة الباب ضخما وآثاره ما زالت طرية في ذاكرة الناس، بل وما زالت الحكومة القاجارية حتى ذلك الوقت تلاحق البابيين في أرض ايران ممن لم تسنح لهم فرصة الهروب أو المهاجرة الى العراق، فتقوم على تعذيبهم واستخلاص المعلومات منهم عن بقية البابيين المتواجدين داخل أرضها ثم تعذبهم وتقتلهم. وصل علم السفير الايراني في بغداد من خلال عيون جواسيسه المنتشرين فيها، وهي مدينة كانت صغيرة لم يزد عدد سكانها آنذاك عن الخمسين ألف نسمة، أن عدد البابيين بدأ يزداد في بغداد حتى تجاوز بضعة آلاف، وأن عدد أتباع حضرة بهاءالله ومناصريه قد كثر، وأنه ما يزال يعقد الاجتماعات والجلسات معهم في بيته وفي بيوت غيره من البهائيين أو في البساتين المحيطة بالمدينة، ومن الوارد جدا أن يشكل وجماعته خطرا جديدا على الدولة الفارسية، لذلك نصح السفير الايراني حكومته بتقديم طلب رسمي الى الحكومة العثمانية من خلال سفيرها في طهران، لإبعاد بهاءالله وأتباعه من العراق، باعتبار أن هذا البلد ملاصقا لحدود دولة ايران. ولما لم تستجب الدولة العثمانية لطلب الدولة الفارسية، راحت حكومة ايران تخاطب سفيرها في استنبول للمشاركة من جانبه في نجاح هذه المؤامرة، باعتباره قريبا من الباب العالي في استنبول. ولقد نجح كل من السفيرين الايرانيين في بغداد واستنبول ووزارة الخارجية الايرانية في تحقيق هدفهم المشترك بعد عمل حثيث دام عدة سنوات، فما كان من الباب العالي إلا أن استجاب لطلبهم، وأرسل فرمانا سلطانيا الى والي بغداد نامق باشا، يأمره فيه بوجوب ترحيل بهاءالله وعائلته وبعض الخواص من أتباعه الى استنبول، فكان ذلك بعد تمام انقضاء عشر سنوات على سكنه فيها. فشد حضرة بهاءالله الرحال في اليوم الواحد والعشرون من شهر ابريل وخرج من بيته ليعبر نهر دجلة من جانبه الغربي الى الجانب الشرقي وليقيم اثنى عشر يوما في حديقة النجيبية (الرضوان) على ضفة النهر ويعلن دعوته سراً للخواص من أصحابه وأتباعه، ثم شد الرحال مرة أخرى متوجها الى عاصمة الخلافة العثمانية استنبول، ودامت سفرته مائة يوم تقريبا. لم يكتف السفيرين الايرانيين ولا حكومتهما بكل هذا، ففي هذه الأثناء، وبعد نجاح مساعيهما المغرضة في تحقيق المرحلة الأولى من مهمتهم، راح السفير الايراني في استنبول يروج الأكاذيب والمفتريات عن حضرة بهاءالله بين أفرد الحكومة العثمانية قبل وصوله اليها، ولم يترك فرية أو تهمة إلا وألصقها به وبدعوته، ولم يترك رذيلة إلا ونسبها اليه والى أتباعه، خاصة بين السياسيين وكبار رجال الدين الاسلامي، ولقد لقي كل ذلك صدى واسعا وآذانا صاغية بين الجاهلين للحقيقة. وعند وصول حضرة بهاءالله وعائلته وأصحابه الى استنبول، وجد الأفكار مشوشة ومرتابة بشأنه. ففي أول وصوله خصصت الحكومة العثمانية له ولأفراد عائلته سكنا ضيقا حقيرا وكانوا أكثر من سبعين نفرا، وبعد مطالبته بتحسين ظروف معيشتهم، نقلوه ومن معه الى مسكن آخر أوسع قليلا من سابقه، لكنهم خصصوا له ضابطا في الجيش ليقوم في الظاهر على مرافقته وتلبية حاجاته الضرورية، وفي نفس الوقت، ليتجسس عليه في الخفاء. وبمرور الوقت وجد حضرة بهاءالله ان الأفكار والوجوه والقلوب لا تكن له غير الريبة والكراهية والحقد. وحصل أن وصله الفرمان السلطاني يأمره بالمثول في محضر السلطان عبد العزيز للزيارة والتعارف، فأجاب حضرته أنه لا يزور الملوك أو السلاطين في بلاطهم، ولكن ليختر السلطان مكانا مناسبا للقاء، واقترح أحد المساجد الاسلامية لذلك. فما كان من السلطان عند سماعه بهذا الجواب الصارم الجريء، إلا أن تفجر بركان الغضب في صدره، وتطايرت شرارات الحقد في كل اتجاه، وأيقن أن كل ما سمعه من السفير الايراني ومن شايعه تجاه هذا الرجل المنفي كان صحيحا. فأصدر على الفور فرمانه الجديد القاضي بنفيه مرة أخرى دون لقائه ومن معه الى مدينة أدرنه في أقاصي حدود الدولة العثمانية الغربية. فسافر حضرة بهاءالله مخفوراً للمرة الثالثة منفيا في رحلة دامت اثنى عشر يوما من أيام شتاء عام 1863م القارس البرد.
بسكنه في مدينة أدرنه، ووصول خبره الى البابيين في ايران والعراق، بدأ البابيون في السفر لزيارته أفرادا وجماعات، ولما لم يكن هناك طريقا الى مدينة أدرنه إلا باختراق مدينة استنبول وعبرها، بدأ أفراد الشرطة والجواسيس يشاهدون أزياء غريبة تختلف عما اعتادوا مشاهدته بين سكان المدينة، وبعد التحري علموا أنهم ايرانيون في طريقهم لزيارة بهاءالله في أدرنه.
ومن الجدير بالذكر أن حضرة بهاءالله، بعدما أعلن دعوته بشكل سري وخاص في حديقة الرضوان للخواص من أتباعه، عاد ليعلنها لعموم البابيين في ايران والعراق على الخصوص من هذه المدينة النائية، بعد حوالي السنتين من وصوله اليها، وأوضح لهم أنه هو الموعود الذي بشَّر به الرسول الشاب الشهيد حضرة الباب (علي محمد)، ومن قبله رسل الله الكرام. فكانت لاقامته في مدينة أدرنه لمدة أربع سنوات تقريبا، السبب المباشر لتقاطر البابيين وغيرهم من المؤمنين الجدد اليها. وبهذا كانت مناظرهم وأشكالهم وهم بملابسهم الايرانية الغريبة سببا في اثارة تحفظ الحكومة وريبتها. وهنا لابد من الاتيان على ذكر أعمال أخ حضرة بهاءالله، وهو الأخ غير الشقيق له، واسمه يحيى، ويلقب بصبح أزل. فعندما شاهد يحيى أن أخيه الموقر، كان على الدوام موضع احترام وتقدير كل من تعرف عليه، وأنه عاد ليصبح شخصاً نكرة، تأججت نيران الحسد والحقد في صدره تجاه أخيه، وراح يتآمر على حياته، فقام بتسميم غذائه، ثم بدأ يحيك ضده المؤامرات ويرتكب الأعمال القبيحة وينسبها الى أخيه المبجل، مما أوقع الشك حتى في صدور أقرب المقربين من حضرته، ولم تنته هذه المشاكل التي بدأت بشكل سري وبذرت بذورها منذ أيام بغداد، ثم نضجت ثمارها الفاسدة لتظهر للعيان في مدينة أدرنه، إلا باعلان حضرة بهاءالله دعوته بكامل الوضوح لجميع اتباعه، وبذلك أوقعهم في امتحان كبير، فانقسموا الى فريقين، اصطف غالبيتهم حوله لمناصرته وتأييده، بينما فضلت فئة صغيرة منهم مناصرة أخيه. كل هذا وذاك دفع الحكومة العثمانية الى اصدار فرمان سلطاني جديد يقضي بنفي حضرة بهاءالله وأفراد عائلته للمرة الرابعة، وسجنه في أقسى وأنتن سجون الامبراطورية العثمانية وأبعدها، ألا وهو سجن (القشلة العسكرية) في فلسطين في مدينة عكاء. كما أمرت بنفي صبح أزل وأتباعه، وكانوا قليلي العدد الى جزيرة قبرص. من هذا نعلم أن حضرة بهاءالله لم يأت برغبته الى فلسطين، بل جاءها سجيناً منفياً بأمر السلطان عبد العزيز العثماني.

هناك تعليقان (٢):

Nesreen Akhtarkhavari يقول...

تحياتي مرة أخرى وشكرا على السرد السلس للحقائق والأسلوب الموضوعي والشفاف. بالإضافة إلى الرد على الشبهات ضد الدين البهائي، تظهر تدويناتك النوايا الحقيقة للبهائيين العرب وهي العيش والتعايش بسلام في المجتمعات العربية والقيام على تقديم الخدمات التي تؤدي إلى ازدهار هذه المجتمعات وتطورها دون التدخل في الأمور السياسية أي كان نوعها أو الإخلال بأي نظام عام أو العمل على الإضرار بأي ديانة أو أتباعها، بل على العكس، التعامل مع أتباع كل الديانات "بالروح والريحان"، كما تأمرنا تعاليم ديننا

بهائي وصانع سلام عالمي يقول...

شكرا نسرين
لتمنى ان اعرف تعليقك على الموضوع كله