المشاركات الشائعة

الجمعة، مارس ٢٣، ٢٠٠٧

الدين البهائي تجديداً لنور الإيمان، وتهذيباً للنفس البشرية، ومنقذاً من طغيان المادية

الدين البهائي
تجديداً لنور الإيمان، وتهذيباً للنفس البشرية،
ومنقذاً من طغيان المادية
هذا يوم لا يرى فيه إلاّ الأنوار التي أشرقت ولاحت من أفق وجه ربّك العزيز الكريم
بهآء الله

يعتبر الدين البهائي أحدث الأديان المستقلة العالمية. فمنذ اعلان دعوته في إيران خلال منتصف القرن التاسع عشر استطاع هذا الدين أنْ ينتشر فعليًا في جميع بقاع العالم وأنْ يؤسس مؤسساته الإدارية في أكثر من مائتي دولة وإقليم مستقل وقد احتضنه العديد من الناس من خلفيات ثقافية وجنسية واجتماعية ودينية مختلفة.
لا‏ ‏خلاف‏ ‏أن‏ ‏غاية‏ ‏الدين‏ ‏هي‏ ‏الوفاق‏ ‏والوداد‏ ‏بين‏ ‏البشر‏,‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏جعله‏ ‏الناس‏ ‏منذ‏ ‏بداية‏ ‏الخليقة‏ ‏مصدرا‏ ‏للشقاق‏ ‏والجدال‏ ‏والقتال‏,‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏تناقض‏ ‏ذلك‏ ‏مع‏ ‏الطبيعة‏ ‏الروحانية‏ ‏لجميع‏ ‏الأديان‏ ‏التي‏ ‏يركز‏ ‏جوهرها‏ ‏علي‏ ‏التراحم‏ ‏والبر‏ ‏والإحسان‏,‏فالدين‏ ‏يفرض‏ ‏حسن‏ ‏معاملة‏ ‏الغير‏.
‏وقد‏ ‏يكون‏ هناك اسباب كثيرة لتعصب الانسان لدينه ومعتقده ولكن لو‏ ‏واجه‏ ‏كل‏ ‏فرد‏ ‏نفسه‏ ‏اليوم‏ ‏باحثا‏ ‏عما‏ ‏حمله‏ ‏علي‏ ‏اعتناق‏ ‏دين‏ ‏دون‏ ‏غيره‏,‏وعما‏ ‏يثبت‏ ‏صدق‏ ‏الدين‏ ‏الذي‏ ‏اعتنقه‏ ‏لأدهشه‏ ‏الجواب‏.‏وقبل‏ ‏أن‏ ‏يفيق‏ ‏من‏ ‏دهشته‏ ‏يأتيه‏ ‏سؤال‏ ‏آخر‏ ‏وهو‏:‏إن‏ ‏كان‏ ‏هذا‏ ‏الدين‏ ‏الذي‏ ‏اعتنقه‏ ‏حقا‏ ‏فلماذا‏ ‏لم‏ ‏يؤمن‏ ‏به‏ ‏الآخرون؟‏ ‏ولماذا‏ ‏يعترض‏ ‏عليه‏ ‏أصحاب‏ ‏الديانات‏ ‏الأخرى؟‏.‏

ان الدين البهائي هو دين مميـز، وتعتمد تعاليمه أساسًا على تلك التي أتى بها حضرة بهاء الله. إنَّه ليس مذهبا أو حركة تجديدية أو فرقة منشعبة من دين آخر أو نظامًا فلسفيًا كما أنَّ الدين البهائي ليس محاولة لإيجاد دين جديد بواسطة التوفيق بين تعاليم وأحكام الديانات الأخرى. يقول العالم أرنولد تويني:

"البهائية دين مستقل في مصاف الإسلام والمسيحية والديانات العالمية الأخرى المعترف بها. كما إنها ليست فرقة منشعبة من دين آخر. إنها دين مستقل بحد ذاته وله وضع الأديان الأخرى المعترف بها" ( ).

إنَّ التأكيد على أنَّ هناك دينًا مستقلاً عن باقي الأديان لا يعني أنَّ هذا الدين قد بدأ من فراغ. فقد ظهرت البوذية من الهندوسية التقليدية وبعد أن عبرت البوذية جبال الهمالايا أخذت شكلها الكامل كدين مستقل وقُدِّرَ لها أن تكون قوة ثقافية رئيسية في الصين واليابان وأراضي جنوب شرق آسيا. وبالمثل فقد بدأ السيد المسيح وأتباعه دعوتهم في ظل الدعوة اليهودية، ولمدة قرنين اعتبرت الشعوب المجاورة لها إنَّها دعوة تجديدية متفرعة عن الديانة الأم. لم تعرف المسيحية ديانة مستقلة بكتابها المقدس وما لها من أحكام ومؤسسات وشعائر دينية إلا عندما بدأت في جذب أعداد كبيرة من الناس من العديد من أجناس وأعراق مختلفه في أطراف البحر الأبيض المتوسط.

إنّ الدّين الذي أتي به بهاء الله - وهو الذي تحقّقت بمجيئه نبوّات السّيّد المسيح في العهد الجديد، وأنبياء بني إسرآئيل في العهد القديم، ونبوّات القرآن الكريم فيما يتعلّق بقدوم الموعود في تمام الميقات، ونبوّات الأديان المعروفة كلّها – "بعيد كلّ البعد من أي قصد للتقليل من مكانة رسل الله الذين سبقوه، أو التقويض من عظمة أي من تعاليمهم، أو لحجاب ولو بأقل قدر، بهآء رسالاتهم، أو لتجريد قلوب أتباعها منها، أو لنسخ أيّ من معتقداتها الأساسيّة، أو لطرح أيّ من كتبهم المنزّلة جانباً، أو كبت الطموحات الشرعيّة لاتباعها."
وفي الوقت الذي ينفي على أيّ من الأديان حق التقرير بخاتميّه الرّسالات الإلهيّة للبشر، يؤكد مبدأ تتابع الأديان ويبشّر بمجيء رسالات إلهيّة أخرى في المستقبل بعد رسالة بهآء الله، ويصرّ على الوحدة بين جميع الأديان السماويّة، ويبرز الأساسي والصحيح من تعاليمها، ويُفرِق الحقآئـق المنزّلة فيها عما اعتراها من أوهام وخرافات أدخلت عليها، بذلك، وعلى هذا الأساس، يتنبأ بأنّه لابدّ من اتّحاد جميع الأديان وبلوغها أسمى آمالها.
إن‏ ‏الناظر‏ ‏في‏ ‏تاريخ‏ ‏الأديان‏,‏والمدقق‏ ‏في‏ ‏تسلسلها‏ ‏يري‏ ‏أن‏ ‏التاريخ‏ ‏يعيد‏ ‏نفسه‏,‏وأن‏ ‏الاعتراض‏ ‏علي‏ ‏الأديان‏ ‏يسير‏ ‏علي‏ ‏نفس‏ ‏المنوال‏ ‏والنسق, ‏ولا‏ ‏يسعهم‏ ‏إلا‏ ‏تكفير‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏يؤمن‏ ‏بهذا‏ ‏الدين‏,‏فهم‏ ‏يؤمنون‏ ‏فقط‏ ‏بما‏ ‏سبقهم‏ ‏من‏ ‏رسالات‏,‏لأنها‏ ‏جاءت‏ ‏صريحة‏ ‏في‏ ‏كتابهم‏, ‏أما‏ ‏ما‏ ‏يأتي‏ ‏من‏ ‏بعدها‏ ‏فيعتبرونه‏ ‏ضلالا‏ ‏وافتراء‏,‏ ولكن‏ ‏مازالت‏ ‏المأساة‏ ‏تتكرر‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏ظهور‏ ‏فنجدهم يقيسون‏ ‏الرسالة‏ ‏التالية‏ ‏بما‏ ‏تهوي‏ ‏أنفسهم‏ ‏ويسعون‏ ‏للقضاء‏ ‏عليها‏.‏
وهكذا‏ ‏نري‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏دأب‏ ‏عليه‏ ‏البعض‏ ‏هو‏ ‏نبذ‏ ‏معتقدات‏ ‏الغير‏ ‏دون‏ ‏ترو‏ ‏في‏ ‏بحثها‏, ‏وذلك‏ ‏نتيجة‏ ‏لعدم‏ ‏تطبيق‏ ‏معايير‏ ‏موضوعية‏ ‏لتعريف‏ ‏الدين‏ ‏علي‏ ‏نحو‏ ‏علمي‏,‏ولتمييزه‏ ‏عن‏ ‏غيره‏ ‏من‏ ‏الحركات‏ ‏الفكرية‏, ‏والمذاهب‏ ‏الفلسفية‏. ‏فغياب‏ ‏المقاييس‏ ‏العقلية‏ ‏المجردة‏ ‏يسهل‏ ‏سيطرة‏ ‏العواطف‏ ‏والميول‏ ‏الشخصية‏ ‏في‏ ‏الحكم‏ ‏علي‏ ‏ما‏ ‏يدور‏ ‏في‏ ‏وجدان‏ ‏الآخرين‏.‏ فهل‏ ‏البهائية‏ ‏دينا‏,‏أم‏ ‏مذهبا‏,‏أم‏ ‏حركة‏ ‏فكرية؟‏ وهل هي حق وإذا كانت كيف نتأكد؟ ‏ولذلك‏ ‏نبادر‏ ‏بعرض‏ ‏بعض‏ ‏المعايير‏ ‏التي‏ ‏يمكن‏ ‏الاعتماد‏ ‏عليها‏ ‏في‏ ‏التعرف‏ ‏علي‏ ‏الطبيعة‏ ‏الروحانية‏ ‏لهذا‏ ‏الدين‏,‏مع‏ ‏الإقرار‏ ‏سلفا‏ ‏بصعوبة‏ ‏الاعتماد‏ ‏علي‏ ‏الأدلة‏ ‏العقلية‏ ‏وحدها‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏يختص‏ ‏به‏ ‏الفؤاد‏,‏ويحكم‏ ‏عليه‏ ‏الضمير‏,‏وتطوف‏ ‏حوله‏ ‏مشاعر‏ ‏الحب‏ ‏والولاء‏:‏

1. ‏أهم‏ ‏ما‏ ‏يميز‏ ‏الدين‏ -‏أي‏ ‏دين‏- ‏هو‏ ‏الإيمان‏ ‏بوجود‏ ‏خالق‏ ‏مدبر‏ ‏للكون‏ ‏فوق‏ ‏عالم‏ ‏الطبيعة‏,‏مسيطر‏ ‏علي‏ ‏العالم‏ ‏المشهود‏,‏إله‏ ‏لا‏ ‏شريك‏ ‏له‏ ‏ولا‏ ‏نظير‏,‏وجوده‏ ‏المهيمن‏ ‏عزيز‏ ‏علي‏ ‏الوصف‏,‏ومستعص‏ ‏علي‏ ‏الإدراك‏,‏وجود‏ ‏فريد‏ ‏ممتنع‏ ‏علي‏ ‏العقل‏ ‏البشري‏ ‏المحدود‏,‏لأن‏ ‏البون‏ ‏الفاصل‏ ‏بين‏ ‏علو‏ ‏الواجد‏ ‏ودنو‏ ‏الموجود‏ ‏مانع‏ ‏للإدراك‏,‏وهذا‏ ‏في‏ ‏صلب‏ ‏ما‏ ‏يعتقده‏ ‏البهائيون‏,‏
فمن مبادئ الدّين البهائيّ انه يعترف بوحدانيّة الله ويقرّ بوحدة رسله.
فيعلّمنا حضرة بهاء الله أن الله هو ذات غيب منيع لا يُدرك. بشكل عام لا يستطيع المخلوق أن يفهم الخالق، فلا تفهم الطاولة طبيعة النجّار الذي صنعها على سبيل المثال.
إن الله هو خالق كل الأشياء. هو صنع السموات والأرض، بجبالها ووديانها، بصحاريها وبحارها، بأنهارها، بسهولها وأشجارها. وخلق الله الحيوان وخلق الله الإنسان. إن الحب هو السبب الذي خلقنا من أجله، كما يتفضل حضرة بهاء الله:
"يا ابن الإنسان أحببت خلقك فخلقتك فأحببني كي أذكرك وفي روح الحياة أثبتك."
فرغم إننا لا ندرك الذات الإلهية لبعدها عن إدراكنا، إلا أن محبته تلمس حياتنا ووجودنا باستمرار.

2. ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏التفاوت‏ ‏بين‏ ‏الغيب‏ ‏والشهود‏ ‏يركز‏ ‏الدين‏ ‏علي‏ ‏دوام‏ ‏الرابطة‏ ‏الوثيقة‏ ‏بين‏ ‏الله‏ ‏والخلق‏ , إن الطريقة التي تتدفق بها المحبة الالهية نحونا هي بواسطة عهده وميثاقه الأبدي. ووفق هذا العهد الأبدي، فان الله لا يتركنا أبدا وشأننا وبدون أية هداية. ‏فمنه‏ ‏تستمد‏ ‏الكائنات‏ ‏نشوءها‏ ‏وبقاءها‏ ‏ومنتهاها‏ ‏بتبعية‏ ‏لا‏ ‏تعرف‏ ‏الاستقلال فكلما تبعد البشرية عن الله وتنسى تعاليمه، يظهر مظهر كلي الهي ويجعل مراد الله وهدفه واضحا من جديد‏, ‏ فالواسطة‏ ‏بينهما‏ هي مظاهر الالهيه‏ ‏تحكي‏ ‏عن‏ ‏الحقيقة‏ ‏الخافية‏,‏وتظهر‏ ‏مشيئتها‏ ‏وتفرض‏ ‏عبادتها‏,‏وتحذر‏ ‏من‏ ‏عاقبة‏ ‏العصيان‏ ‏في‏ ‏الآخرة‏ ‏والأولي.

أن المظاهر الإلهية هي تلك النفوس المتميزة التي تظهر كلمة وإرادة الله. ولذلك، عندما نصغي إليهم، فإننا نستجيب لنداء الله. ‏.‏فهل‏ ‏يوجد‏ ‏في‏ ‏البهائية‏ ‏خلاف‏ ‏هذا؟‏
إن‏ ‏جميع‏ ‏الأنبياء‏ ‏هم‏ ‏هياكل‏ ‏أمر‏ ‏الله‏ ‏الذين‏ ‏ظهروا‏ ‏في‏ ‏أقمصة‏ ‏مختلفة‏,‏وإذا‏ ‏ما‏ ‏نظرت‏ ‏إليهم‏ ‏بنظر‏ ‏لطيف‏ ‏لتراهم‏ ‏جميعا‏ ‏ساكنين‏ ‏في‏ ‏رضوان‏ ‏واحد‏,‏وطائرين‏ ‏في‏ ‏هواء‏ ‏واحد‏,‏وجالسين‏ ‏علي‏ ‏بساط‏ ‏واحد‏,‏وناطقين‏ ‏بكلام‏ ‏واحد‏,‏وآمرين‏ ‏بأمر‏ ‏واحد‏.‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏اتحاد‏ ‏جواهر‏ ‏الوجود‏ ‏والشموس‏ ‏غير‏ ‏المحدودة‏ ‏والمعدودة‏.‏"
هناك مثال من العالم المادي يساعدنا في إدراك مفهوم "المظهر الإلهي". كما يعلمنا حضرة بهاء الله في هذا العالم، إن الشمس هي مظهر الدفئ والنور والتي بدونها لن تكون هناك حياة على هذا الكوكب. إلا أن الشمس بذاتها لا تهبط على الأرض، وإذا ما حاولنا الوصول إليها، فإننا سنهلك تماما.
لكن لنفرض أننا أخذنا مرآة نظيفة لامعة، ووجّهناها نحو الشمس، سنرى فيها صورة الشمس، وكلما كانت المرآة أنظف، كلما كانت الصورة أوضح وأنقى. إن المظاهر الإلهية هم كالمرايا الكاملة الصفات والتي تعكس نور الله بكل بهائه وتجليه. وكل هذه المرايا تعكس النور نفسه وبينما الله هو أبعد من أن نصل إليه، إلا أن هذه النفوس الكاملة تأتي إلينا من حين إلي آخر، تعيش بيننا، تقوم بهدايتنا وتشحننا بالطاقة التي نحتاجها لكي نتقدم ماديّاً وروحانيّاً.
أنتم محظوظون لأنكم نشأت حسب التعاليم التي أرسلها الله للبشرية من قبل بواسطة مظهره الإلهي سيدنا المسيح والذي مقامه هو "ابن الله". او سيدنا محمد والذي مقامه "حبيب الله" الآن أنتمِ تستطيعون تلقّي تعاليم مظهر الهي جديد، حضرة بهاء الله، والذي يعني لقبه "مجد الله". إن تعاليم حضرة بهاء الله إذا هي في توافق كامل وانسجام كامل مع تعاليم السيد المسيح وحضرة محمد، ولكنها تتمشى وحالة البشرية اليوم. إذا فكّرتُم للحظة في المأزق الذي تعاني منه البشرية اليوم، أنا متأكد من أنكم ستوافقون بأن الوقت مناسب لأن يكون مظهراً إلهياً آخر قد ظهر.
دعوني أتلو عليكم بياناً من كتابات حضرة بهاء الله والتي تتحدث عن اليوم الذي نعيشه:

" اليوم هو يوم الفضل الأعظم والفيض الأكبر، على الجميع أن يسكنوا ويستريحوا، وبكمال الإتحاد والاتفاق في ظلّ سدرة العناية الإلهية." 7 (ترجمة)
3. ‏